الاكتئاب مرض العصر فحاربيه

الاكتئاب مرض العصر فحاربيه
الاكتئاب النفسي هو أكثر الأمراض النفسية انتشاراً، ويؤثر بطريقة سلبية على التفكير والتصرف، ويصاب بالاكتئاب الذكور والإناث، والصغار والكبار والمسنين، وهو لايفرق بين مستوى علمي وثقافي ومادي، ولكن يبقى للمرأة الحصة الأكبر في ذلك، فهو على أنواعه يمكن أن يؤثر على حياتها العائلية والاجتماعية، فما هي أسبابه؟ وكيف يمكن الشفاء منه؟

ما هو الاكتئاب؟
الاكتئاب مرض نفسي يتسم بحزن شديد ومزاج سيئ باستمرار وانخفاض في مستويات النشاط والإنتاجية، وفقدان التركيز وظهور اضطرابات في النوم، والشعور بالذنب، وغياب الثقة بالنفس، مع أفكار رهيبة وخطيرة، وتخيلات وأفكار غير عقلانية، وكل علاقات المصابة به تتضرر، سواء علاقاتها مع الشريك أم العائلة أم الأصدقاء، وتبدأ المعاناة النفسية في حياتها، والاكتئاب يصعب فهمه وتشخيصه بسرعة، فالشعور بالحزن والقلق أمر طبيعي بين الحين والآخر، ولكن علينا التنبه إلى أن استمرار هذه الحال يعتبر مشكلة خطيرة، ودليلاً على الاكتئاب.

ما هي أنواعه؟
هناك أنواع عدة من الاكتئاب:
- فترة الحزن القصيرة، وهي لا ترتقي إلى مستوى نوبة الإكتئاب الكبرى، كونها تستمر لفترة أسبوعين أو ثلاثة، ولا يصاحبها تأثير على الحياة الاجتماعية والمهنية للفرد. وهذا النوع عادة يكون سببه عوامل توتر خارجية، ومن أهمها فقدان المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي بشكل أو بآخر، والشعور بالذنب نتيجة الإحساس بخرق ضوابط اجتماعية أو دينية، أو الانفصال بعد علاقة عاطفية.

- تتأثر المرأة على موت شخص عزيز، فتنتابها مجموعة من المشاعر التي تفوق في حدتها فترة الحزن القصيرة، لكنها لا ترتقي إلى مصاف نوبة الاكتئاب الكبرى، حيث يشعر بعضهن باضطرابات في النوم وفقدان الشهية والشعور بالذنب، لأنهن لم يقمن بما فيه الكفاية لمنع الموت، أو الرغبة في أن يكن مكان الميت، أو الشعور بأن لا قيمة لهن بعد رحيل الشخص المتوفى، إضافة إلى خمول شديد، يمنعهن من مزاولة نشاطاتهن اليومية. وتختلف طول فترة الحزن الطبيعية على شخص متوفى من بيئة إلى أخرى، حسب الثقافة والمعتقدات ولكن إجمالاً تستمر حال الإكتئاب هذه لمدة شهرين تقريباً.

- نوبات الاكتئاب الكبرى، وهي بدورها تأتي على ثلاث مراحل:
اكتئاب ما بعد الولادة بسبب التغيرات الكبيرة في هرمونات جسم الأم، حيث تشعر بعض الأمهات بفترة حزن خفيفة خلال الأيام العشرة الأولى، خصوصاً في الحمل الأول، ولكن في بعض الحالات قد تتفاقم الأزمة، بحيث تؤدي إلى عدم مقدرة الأم على العناية بطفلها، حيث تحصل تقلبات حادة في مزاجها، وفي بعض الحالات قد ينتج الاكتئاب عن الشعور بالحوف الشديد من أن يصاب الطفل بأي مكروه.

اضطرابات العاطفة الموسمية، حيث تظهر كل عوارض وعلامات الاكتئاب خلال فصل معين من فصول السنة، وعادة تبدأ نوبة الاكتئاب الكبرى في موسمي الخريف أو الشتاء، وتنتهي بحلول الربيع أو الصيف، وتكون عوارض الكآبة الموسمية عادة الشعور بالخمول وكثرة الأكل.

المزاج الحزين المزمن، حيث تعيش المرأة فترات حزن طويلة في معظم أيام السنة، ومن صفات هءلاء النساء ضعف الثقة بالنفس وعدم الإحساس بالمتعة وضعف التركيز ونقد الذات بكثرة مع عدم الإيمان، بقدراتهن الذاتية، مع نوم مضطرب وشهية إما عالية أو منعدمة.

ما هي أسبابه وكيف تنشأ؟
تتعدد أسباب الإكتئاب بين اجتماعية ومادية وعاطفية وفيزيولوجية... ولكن إجمالاً يعود الاكتئاب إلى الأسباب التالية:
- العيش مع أفراد آخرين من الأسرة مصابين به.
- متاعب ومشاكل مادية.
- مشاكل لها علاقة بالعمل.
- مشاكل في العلاقات مع الآخرين.
- فقدان أو وفاة أحد الأحباء أو المقربين.
- مشاكل هرمونية يمكن أن تحدث بعد الولادة، أو في فترة انقطاع الطمث.
- عوامل فيزيولوجية، كتدني مستويات هرمون الغدة الدرقية، "قصور في الغدة الدرقية".
- مشاكل صحية.

ما هي الطرائق المتوفرة للعلاج؟
إن أدوية الإكتئاب متعددة وفعالة، وليس لها عوارض جانبية، حتى وإن أعطيت لمدة طويلة، كما أن علاج الكآبة بالأدوية يتطلب الكثير من الوقت، وهو على الأقل يحتاج من أسبوعين إلى ستة أسابيع ليبدأ مفعول الأدوية . إن علاج الكآبة يتم بمجهود جماعي يشارك فيه الطبيب والعالم النفسي والمريضة أيضاً، ولكن مضادات الاكتئاب هي أكثر طرائق العلاج الطبي انتشاراً، إذ أنها تحتوي على مواد كيميائية تؤثر على الدماغ، بحيث يتحسن المزاج، وقد تقوم هذه المضادات بالتخفيف من العوارض. يجب متابعة العلاج عن كثب والتنبه دائماً إلى عدم إيقافه بطريقة فجائية، لأن ذلك يمكن أن يولد انعكاسات سلبية على حال المريضة ويفاقم الأزمة.

وقد يواكب العلاج الدوائي علاج نفسي، حيث يساعد المريضة على تخطي المحنة وتفهم وضعها، إذ يميل أطباء النفس إلى طرائق ووسائل ونصائح معينة لمساعدة المريضة في الخروج من تلك الحال، إذ يعمدون إلى فحص وتحسين طريقة تفكيرها ونظرتها إلى الأمور مع التأكد من تلبية احتياجاتها الأساسية. لذا، فإن الجلسات النفسية التي تخضع لها المريضة عند الطبيب مهمة، لأنها تقوم بإطلاعه على أسباب الحال بشكل مباشر، وبذلك يستطيع الطبيب النصح وتقديم المساعدة.

وتجدر الإشارة إلى أن من الضروري أن يكون بجانب المريضة شخص تثق به بشكل كبير، وتساعد الاستشارة الصحيحة وفهم المشكلة بشكل جيد في القضاء على الاكتئاب، والعلاج النفسي لا يمكن أن يعطي نتائج فعالة إن لم يترافق مع علاج طبي بالأدوية، وفي مطلق الأحوال يجب أن تتمتع المريضة بالشجاعة لانجاح العلاج.

هل من علاجات أخرى؟
يقوم الأطباء بإعطاء علاجات أخرى تفيد في الخروج من حالات الاكتئاب، فالتمارين الرياضية لها آثار إيجابية مفيدة على الجسد، إذ أنها تسمح تدريجياً بالعودة إلى الحياة الطبيعية، فالرياضة ترفع من تقدير المريضة لنفسها من خلال تحسين صورة وتحقيق هدفها، كما تساعد في إفراز المخ مواد كيميائية مثل endorphine والتي تجعل المرأة تشعر بأنها في حال أفضل. وفي حالات الاكتئاب الموسمية، تلعب الإنارة والإضاءة دوراً أساسياً في مساعدة المكتئبة للخروج من وضعها، إذ لها تأثيراً إيجابياً على المعنويات، لذلك ينصح بعدم الإنغلاق على الذات. فعندما تكونين في حال اكتئاب تصبحين غير مبالية ولا رغبة لديك في القيام بأي شيء، وتهوين دائماً البقاء في الأماكن المظلمة والكئيبة، لذا فالخروج في نزهات ورحلات إلى أماكن رحبة ومشمسة يعتبر علاجاً فعالاً. وهنا أيضاً يجب أن يترافق العلاج الطبي والنفسي لكي نصل إلى نتائج أفضل وأسرع، وأخيراً فإن نظام التغذية هو أمر مهم جداً، ففي حالات الاكتئاب تلجأ المريضة إما إلى مقاطعة الطعام أو إلى الأكل بشكل زائد.

ماهو دور الأصدقاء والأقارب؟
تبتعد المصابات بالاكتئاب عن محيطهن وأصدقائهن وأقاربهن، بدلاً من أن يطلبن منهن المساعدة أو الدعم، ولذلك فإن على المحيط أن يتنبه إلى أنه الوقت الأساسي الي يقدمون فيه المساعدة، وأهم ما يمكن للمحيط عمله هو تشجيع المكتئبة على البحث عن العلاج المناسب، فأحاسيس اليأس والإحباط والشعور بعدم القيمة يمكن أن يمنع المرأة المكتئبة من البحث عن المساعدة. إن دعم القريب أو الصديق يعتبر فرصة جيدة ومهمة لمساعدة المريضة، مع أن الأمر قد يكون شاقاً ومسبباً للإزعاج أحياناً، فتشجيعها على الكلام عن كيفية إحساسها، ومساعدتها في الوصول إلى الخطوات المناسبة يعتبر عنصراً مهماً في إخراجها من الأزمة.

كيف يمكن للمرأة مساعدة نفسها؟
في البداية عليها التنبه إلى كيفية التعامل مع هذه الحال، فالاكتئاب يقوم بتغذية نفسه لكي يهزم المريضة. فقد تصابين بالاكتئاب ثم تكتئبين لكونك مصابة به، والأفكار السلبية تصبح أمراً يحدث من تلقاء نفسه، ومن الصعب مقاومتها. وعندما تشعرين بالاكتئاب يتولد لديك الشعور بعدم الرغبة في العمل، لذلك عليك إخراج نفسك من هذه الحال من خلال الحوار والكلام مع الآخرين، إذ أن ذلك قد يساعدك في التغلب على هذه الحال، وحاولي التنبه إلى تلك الأفكار السلبية التي تراودك، واستبدليها بأفكار حيوية ومفرحة، وابحثي عن أشياء تقومين بها لكي تنشغلي عما أنت فيه.