العزل في السجون الاسرائيلية
كل شيء مختلف تماماً عن باقي السجون ، فالعزل يعتبر من أقسى أنواع التعذيب والعقاب الذي تلجأ إليه إدارة السجون الإسرائيلية ضد الأسرى الفلسطينيين حيث يتم إحتجاز الأسير بشكل منفرد لفترات طويلة من الزمن تتجاوز السنوات ، لا يُسمح له خلالها بالإلتقاء بالأسرى مما يسبب له مضاعفات صحية ونفسية خطيرة وذلك في غرف صغيرة تعرف بالإكسات ومقفلة بإحكام بباب حديدي سميك يزيد عن 13 سم وفيه فتحة صغيرة وهي مخصصة لإدخال الطعام وإلقاء الأوامر من الشرطي أو تقييد المعتقل بالقيود الحديدية قبل إخراجه من الإكس لأي غرض ، وفي كل غرفة سريران من الحديد فوق بعضهما وكل واحد يصعد على السرير يجب أن يبقى مستلقياً أو متكئاً لأن إرتفاع الغرفة لايزيد عن مترين ويمنح كل سجين فرشة ليضعها على السرير وثلاث بطانيات ، ويوجد في الغرفة مغسلة صغيرة 15x20 سم بجانب المرحاض ويشغلان نحو ربع مساحة الغرفة .
والزنزانة معتمة ورديئة التهوية وأشعة الشمس لا تعرف للإكسات طريقاً و مساحتها ضيقة لا تتجاوز ( طول ثلاثة أمتار بعرض مترونصف ) ومنها أصغر من ذلك ، ليس هذا فحسب بل يضاف إليها سوء التغذية والحرمان من بعض المزايا التي يسمح بها في السجون الأخرى مثل إدخال بعض الأطعمة عن طريق الأهل كالزيت والشاي والمرمية ، وآليات الإتصال معدومة من تلفاز ومذياع وصحف وحتى الساعة التي يعرف فيها الوقت ممنوعة ، وتعاني أقسام العزل من نقص كبير في النظافة ، وبالتالي رائحة العفن تفوح من الفراش والحرامات ، كما ولا يتلقى المرضى منهم رعاية صحية كافية وقد تنعدم أحياناً ، وفي الحالات التي يضطروا فيها الى اخراج احد المرضى للعيادة فيتم تكبيل يديه ورجليه وأحياناً يُعتدى عليه بالضرب من قبل الحراس، وهناك من نزلاء العزل ما ظهرت عليهم أمراضٌ خطيرة مثل التشنج والغيبوبة ومرض القلب وحالات هستيرية ، وداخل الإكسات يمنع الكلام بصوت عالي وبالتالي يمنع الغناء والنشيد ، وفي الحالات النادرة التي يسمح فيها بزيارة الأهل تمتزج هذه الزيارات بالمضايقات والاستفزازات والإهانة و إرهاب الكبار والصغار من الأهل ، نعم انه ارهاب فكري ونفسي وجسماني مبرمج يمارس ضد السجين وذويه.
وسياسة العزل ليست مرتبطة بحقبة زمنية معينة بل أنتهجت ومورست على امتداد الأسر في السجون الإسرائيلية كنهج منظم ، و إزدادت شراسة مع اندلاع الإنتفاضة الفلسطينيةالأولى ( 1987 – 1994 ) وإزداد عدد الأسرى المعزولين ، كما وأنه طرأ إزدياد على فترة العزل ولم تقتصر على أيام وأسابيع كما كانت في بداية تطبيقها بل إمتدت لشهور وسنوات حتى بات حلم بعض الأسرى المعزولين ليس التحرر بل العودة الى رفاقهم وإخوتهم في غرف السجون ، ولم تكتفِ إدارة السجون بأماكن وزنازين العزل الموجودة أصلاً في كافة السجون بل أقدمت على إفتتاح أقسام خاصة بالعزل مثل عزل سجن نفحة الصحراوي وعزل السبع " أهلي كيدار " والذي افتتح عام 1992 م ، وعزل الرملة " نيتسان " وافتتح خلال الإنتفاضة الأولى وتحديداً عام 1989م ، وهو أحد أماكن العزل الرهيبة ويقع تحت الأرض ، والرطوبه فيه عالية جداً لدرجة العفن ، وتصطف زنازينه على صفين يفصلهما مردوان تتعلق في سقفه أنابيب مجاري الأقسام العلوية التي تطفح على الدوام وتنفث منها رائحة كريهة .
وتهدف إدارة مصلحة السجون من وراء انتهاج سياسة العزل إلى إضعاف الحركة الأسيرة ككل ، وفي كل سجن على حدا ، وذلك من خلال عزل الأسرى أصحاب المكانة القيادية و التجربة الإعتقالية العميقة والغنية والحد من تأثيرهم على بقية الأسرى وبالتالي محاولة لخلق حالة مستمرة من الإرباك في صفوف الأسرى الأمر الذي يساعد إدارات السجون – من وجهة نظرهم – في تمرير سياستهم القمعية ، كما وتستخدم عزل الأسرى كعقاب وانتقام منهم لما قاموا به من عمليات فدائية مميزة أسفرت عن مقتل إسرائيليين ، ليس هذا فحسب بل وتهدف إلى إلحاق الأذى النفسي والمعنوي والجسدي بالأسرى وتحطيمهم معنوياً ونفسياً وحتى جسدياً وكسر معنوياتهم وفرض عليهم سياسة القبول بالأمر الواقع .
هذا غيض من فيض فأقسام العزل هي علب القتل البطيئ أو بدائل المشانق