بسم الله الرحمن الرحيم
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ } * { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } * { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } * { وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ } * { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ }
--------------------------------------------------------------------------------
{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ }
{ قُلْ أعُوذُ } ألتجىء. أي قل يا محمد ألتجىء وأعتصم برب الصبح الذي ينفلق عنه الليل،
{ بِرَبِّ الْفَلَقِ } أى رب المخلوقات كلها والعدم كالشىء المغطى لها شقه الله فأوجدهن فى الماضى ويوجدهن فى الحال والاستقبال أجساماً وأعراضاً وكل موجود فلقه الله من العدم حال خلقه فلق الله العرش أخرجه عن العدم وفلق الله السماوات والأَرضين أوجدهن من العدم ثم فلق الأَرض عن النبات والعيون وفلق الجبال عن الشجر والعيون وقد قيل الفلق الخلق أى أعوذ برب جميع المخلوقات وفلق الله الإنسان عن فعاله أى أصدرها منه أى خلقها وفلق الصباح عن الليل ويقال فلق الليل عن الصبح كما يقال سلخت الجلد عن الشاة والشاة عن الجلد، وروى موقوفاً عن ابن عباس الفلق جب فى جهنم، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً سجن فى جهنم يحبس فيه المتكبرون والجبارون وإن جهنم لتعوذ منه بالله تعالى، وعن عمر بن عنبسة مرفوعاً أيضاً الفلق بئر فى جهنم فإذا سعرت البئر منها سعرت جهنم وان جهنم تتأذى منه كما يتأَذى منه آدم بجهنم، وعن كعب موقوفاً بيت فى جهنم إذا فتح صاح أهل النار من شدة حره، وعن الكلبى واد فى جهنم، وقيل هو جهنم قيل خص بالفلق على معنى البيت أو البئر فى النار بالذكر لأنه مسكن اليهود رأى بعض الصحابة سعة عيش أهل الذمة فى الشام فقال لا أُبالى أليس وراءَهم الفلق وفسر بأَحدهما وناسب سحر اليهود له - صلى الله عليه وسلم - فى بئر دوران، والصحيح التفسير الأَول بالعموم.
{شر ما خلق} مضرة الدنيا والدين ومضرة القبر
والبعث والموقف والنار وشر النفس والإنس والجن والدواب والطير والذنوب والخسف والغرق والصاعقة وغير ذلك والحفرة ونار الدنيا مما جاءَ على يد الملائكة أو غيرهم وشر الليل وشر النفث وشر الحسد المذكورات بعد تخصيصاً بعد تعميم وقد أمرنا بقتل الدواب المؤذية. ولا يجوز مسالمة الحية والعقرب ونحوهما برقية ولا بغيرها ولا سيما إن كانت الرقية بما لا يجوز، ومن يسترق مثلاً فيقبضها ولا تضره فقد فعل محرماً من جهة أنه سالم من أمر بقتله والواجب عليه قتلها، ومن جهة أنه استرقى بما لا يعرف معناه أو عرفه وليس اسماً لله عز وجل وأجاز بعض أن يكون شر اسم تفضيل ويراد إبليس لأَن السحر لا يتم إلاَّ به وبجنوده لأن كل مضرة دينية هو السبب لها وكذا كثير من من المضار الدنيوية.
{وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } أي ومن شر الليل إِذا أظلم واشتد ظلامه، فإِن ظلمة الليل ينتشر عندها أهل الشر من الإِنس والجن ولهذا قالوا في المثل " الليلُ أخفى للويل " قال الرازي: وإِنما أُمر أن يتعوذ من شر الليل، لأن في الليل تخرج السباع من آجامها، والهوام من مكانها، ويهجم السارقُ والمكابر، ويقع الحريق، ويقل فيه الغوث
{ وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ } أي ومن شر السواحر اللواتي يعقدن عقداً في خيوط وينفثن - أي ينفخن - فيها ليضروا عباد الله بسحرهن، ويفرقوا بين الرجل وزوجه
{ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } أي ومن شر الحاسد الذي يتمنى زوال النعمة عن غيره، ولا يرضى بما قسمه الله تعالى له.
المصدر :تفسير تيسير التفسير/ اطفيش
صفوة التفاسير للصابوني